أخبار عاجلة
/ , / “الوهم البصري” الخداع الأدراكي للنظام البصري

“الوهم البصري” الخداع الأدراكي للنظام البصري

هل تظن اننا نرى العالم بالدقة الكافية
اذن هل سمعت عن الوهم البصري
تعال لنتأمل الحقائق التالية ….

يعرف الوهم البصري optical illusion على أنه طريقة عمل الدماغ في ادراك الصور بصريا بطريقة تختلف عن الواقع الموضوعي ، حيث تتم معالجة المعلومات التي تجمعها العين في الدماغ لإعطاء تصور لا يتفق مع القياس المادي.
تأمل هذه الصورة وربما تكون رأيتها مرارا قبل الأن ، لكن هل فكرت قبل ذلك في ما هو اللغز الذي يقف خلفها .

مع أول وهلة تظن أن المربعين مختلفين في اللون ، لكنك بمجرد ان تضع ابهامك على الخط الفاصل تلاحظ ان هذا الأختلاف قد تلاشي ، فى الحقيقة ان كلا من المربعين متماثلين تماما وكلاهما له نفس اللون … اذا ما السر… ؟؟!!!!
هذا هو موضوع مقالتنا عن الوهم البصري ….


بداية يطلق على الصورة السابقة اسم خدعة كورنسويت Cornsweet illusion نسبة الى عالم النفس Tom Cornsweet اما خدعتها فهناك سببين خلفها الأول : هو الخداع بالمقارنة … والثاني : هو الخداع الثلاثي الأبعاد.
ما معنى هذا الكلام ؟
عندما نشاهد شيئا معينا فأن العقل يعمل بألية مختلفه ، فالعقل لا يكتفي بالرؤية وكفى لأن هذا عمل العين ، لكنه دائما يكمل عمله بالاستنتاج والتحليل باحثا عن المعنى وعن مجمل الصورة ، وهذا ببساطة سر ذكائه وابداعه ، فهو عندما يشاهد لون معين او ظل لشئ ما فأنه يحاول اولا أن يبحث عن كل الظواهر المحيطة حوله محاولا استنتاج هل الصورة ثنائية الأبعاد ، او ثلاثية الأبعاد ويعرف هذا عن طريق أثار الظل والنور الساقطة على المجسم الذي يراه ، اما ادراك الظل والنور فأنه يتم بواسطة عمل مقارنة بين لون الجسم والألوان المحيطة به … الواقع والطبيعي أن هذه العملية تتم في سلاسة ويسر ، لكن ماذا لو تلاعبنا بهذا الأدراك عن طريق التحكم في الظل و النور وفي المقارنات الخاصة بالألوان …. لنرى

أذا دققت النظر فى الرسمة التي فى الأعلى ستلاحظ وجود ظل على اسفل اليمين ، معنى وجود هذا الظل ان هناك أضاءة مسلطة من اعلى اليسار ، هذا اول ما يستنتجه العقل ، الأستنتاج الأخر هو أن هذا المجسم هو مجسم ثلاثى الأبعاد ، لأنه ببساطة له ظل ، وبناءا على هذه المعلومات يبدأ العقل في تحليل ما لديه من معلومات …. وبذلك فأن المربع الموجود بالأسفل هو مربع مختبئ خلف الظل ، والمربع فى الأعلى معرض للأضاءة المباشرة ، الطبيعي والمنطقي والبديهي أن يكون المربع المختبئ في الظل أشد قتامة من المربع المعرض للنور ، لكن يفاجأ العقل بأن لهما نفس اللون ، وهنا يحلل العقل المعلومات التى لديه سريعا مستنتجا أن المربع في الأسفل لابد أن بكون أفتح من المربع في الأعلى ، أذ كيف يكون مربعين احدهما فى النور والأخر في الظل ولهما نفس اللون ، وللتغلب على هذه الخدعة فأنك ببساطة تضع ابهامك على الشريط الأبيض الموجود في اعلى المربع في الأسفل ، وبمجرد ان تخفي هذا الشريط تختفي من العقل كل الأستنتاجات على ان هذا المربع معرض لأى أضاءة او انه حتى ثلاثى الأبعاد ، وينظر اليه نظرة جديدة على انه صورة ثنائية الأبعاد لمربعين متشابهين فى اللون.
أى روعة وابداع تلك التى يعمل بها هذا العقل … سبحان الله!
لكن قصة الخداع ثلاثي الأيعاد والخداع بالمقارنة لها تفاصيل أكثر ….
الخداع الثلاثي الأبعاد.
احيانا يعتمد الوهم البصري على خداع العقل واستخدام قدرته على استنتاج الرؤية ثلاثية الأبعاد ، على الرغم من ان الصورة تصل الى شبكية العين في بعدين اثنين فقط ، ومثال لذلك الصورة التى يطلق عليها خدعة PONZO والتى تمثل خطوط متوازية للسكة الحديدية تأمل الصورة:

في خدعة PONZO فأن الخطوط المتوازية المتقاربة والتي يمثلها قضبان القطار تخبر الدماغ بأن الصورة أعلى في المجال البصري أبعد و بالتالي فأن الدماغ يدرك الصورة وكأنها أكبر في الحجم ، على الرغم من الصورتين تصلان إلى شبكية العين في نفس الحجم ، غير أن هذه الأمكانية حاسمة للعقل ولطبيعة عمله فلولاها لما استطعنا النظر الى اللوحات البديعة في عصر النهضة لدافنشي وانجلو لأنها في الحقيقة صور ثنائية الأبعاد ، لكن العقل يحلل هذه الصور انها ثلاثية الابعاد نتيجة استخدام المنشور والظل والنور ، وبالتالى يدرك الأحجام بشكل مغاير على ما هي عليه فى الرسمة ، وكذلك ايضا عن النظر الى اى صورة تم التقاطها بواسطة التلفاز او الكاميرا ، انها وظيفة العقل ان يحلل المشاهد الثنائية الأبعاد وينقلنا الى عالم ثلاثى البعد مشابه للعالم الذى نعيش فيه ، ولولا هذه الخاصية للعقل لاستحال ادراكنا لهذا العالم … فسبحان الله!
ومن أشهر الصور التى تتلاعب بالأستنتاج ثلاثى الأبعاد الصور التالية
الخداع بالمقارنة
ولفهم فكرة المقارنة انظر الى الصورة التالية:

نلاحظ في هذه الصورة ان المستطيل الصغير في المنتصف يتدرج لونه من الفاتح الى الغامق لكن هذه ليست الحقيقة فالواقع ان لون المستطيل لا يتغير وللتأكد حاول ان تغطي بيدك من اعلى واسفل هذا المستطيل
تلاحظ مباشرة أن التدرج في لون المستطيل قد اختفى ، والسبب في ذلك ان عمل العقل في ادراك الألوان يعتمد على مقارنة اللون بالوسط المحيط به ، يتم هذا في جميع الألوان لكنه لا يبدو واضحا الا في تدرجات اللون الرمادي خصوصا فيما يخص الظل والنور.
تأمل ايضا الصورة التالية:

حاول للحظات – حوالي نصف دقيقة – ان تركز ببصرك على النقطة السوداء ستلاحظ ان الدائرة الرمادية الكبيرة تختفي بالتدريج ، اذا حركت عينك او رمشت فستعود مرة اخرى – وبالمناسبة هذه وسيلة قوية لتختبر بها درجة التركيز – لكن في هذه الحالة ايضا فأن العقل يعمل بنفس الطريقة حيث انه يستمر فى عمل مقارنة وتكوين تصور كامل ، ومع وجود النقطة السوداء يستمر اللون الرمادي للدائرة الكبيرة بالانحسار تدريجيا ، حتى لا يبقى لك فى النهاية الا النقطة السوداء وهالة صغيرة من حولها ، انه ابداع العقل قبل ان يكون وهما بصريا ، حيث انه يختصر علينا كل التفاصيل الغير مهمة ، ويكتفي بتكوين تصور عام او انطباع كامل عن الشكل الذي امامه.
ولنتحرك خطوات للأمام فى فهم هذا اللغز …
الوهم البصري واستنتاجات العقل :
لفهم العالم من حولنا من الضروري أن يتم تنظيم الأحاسيس و الصور الواردة عن طريق العصب البصري الى معلومات يتم ترجمتها بواسطة الدماغ ، فلدى العقل دائما ميل لتكوين صور كاملة عن طريق تحليل بعض العناصر الصغيرة المشكلة للصورة الكلية ولفهم هذه النقطة تأمل الصورة التالية … ما هو اللغز؟!!!


لا يكتفي العقل بالرؤية فهذا عمل العين ، لكنه دائما يبحث عن المعنى ، وهذا ببساطة سر ذكائه وابداعه.
وببساطة هذه الصورة بالدقة ليست خداع بصرى أنما هي خداع ادراكي فطريقة عمل العين نفسها هى التركيز وطريقة عمل العقل هو الأستنتاج فأنت لو وضعت قلمين خلف بعضهم لن تستطيع رؤيتهم معا لكن العقل يدرك وجود خيال قلم ويحلل هذه الرؤية باستنتاج وجوده .. كذلك فى الصورة العين لا تستطيع أن ترى كل المربعات المشكلة للدوائر مرة واحدة لكنها ترى كل مربع علي حدة والمماس الذي يربط كل مربع بالمربع الذي يليه ، ولو دققت النظر ستلاحظ وجود ازاحة مستمرة في مماسات المربعات مع بعضها البعض … لكن العقل مع كل مماس يستنتج ان المماسات الأخرى ستمضي بنفس الطريقة بمعنى ان تسير المربعات بشكل بيضاوي أو مستقيم …. اى ان العقل يحاول ان يكون استنتاج كامل للشكل من رؤية مربع او مربعين لا ترى العين غيرهما في نفس اللحظة وتكوين تصور كامل للشكل … لكن هذا التصور يصطدم باستمرار بتغيير مستمر فى الرؤية الأنية للعين مما يتسبب في عمل واستنتاج جديد للعقل ، هنا الخدعة الذي اتبعها مصمم الصورة التلاعب بالأستنتاج العقلي مع تغيير الصورة الأنية باستمرار لخلق استنتاج جديد باستمرار.
ومثال للصورة السابقة ايضا هذه الصورة:


فالخطوط المتوازية في الصورة ايضا تبدو مائلة ، انه ايضا نتيجة عمل العقل فى الأستنتاج ، فمن السهل على العقل ان يميز الخط الرمادي الفاصل الموجود بين البلاط في حالة كانوا من نفس اللون ألبيض-أبيض او أسود-أسود ، لكن في حالة اللونين الأبيض والأسود لذلك هو يتعامل مع هذا الخط على انه اما جزء من البلاطة السوداء او البيضاء ، ويستمر على هذا الأستنتاج مكونا ادراكا لخط منحني ، لكن في الحقيقة فأن الخطوط جميعها متوازية
رقعة الشطرنج:
في الصورة التالية المربعين A و B لهما نفس درجة اللون الرمادي



ما الخدعة:
يحتاج النظام البصري لتحديد لون الكائنات في العالم … بأختصار هذا هو عمله ، في حالة رقعة الشطرنج الموضحة يحاول النظام البصري تمييز المربعات البيضاء والرمادية على الأرض ، وهذه مهمة سهلة في حالة اننا استخدمنا الأضاءة المباشرة دون ظلال حيث تكون الرؤية واضحة دون مشاكل ، لكن المشكلة تبدأ مع ظهور أي عائق يتسبب في حدوث ظل على رقعة الشطرنج ، في هذه الحالة لا تكفي الأضاءة المباشرة لتمييز المربعات ، لأن الظل في هذه الحالة يؤثر على كافة المربعات الموجودة البيضاء و الرمادية ، في حين أن تأثيره على كل مربع يختلف مقارنة بالمربعات الموجودة في الأضاءة الواضحة ، فمثلا السطح الأبيض في الظل يمكن أن يعكس ضوء أقل من السطح الأسود في ضوء كامل اى يبدو أكثر قتامة من السطح الأسود نفسه ، ولذلك يستخدم النظام البصري العديد من الحيل لتحديد مكان الظلال وكيفية تعويضه لهم.

الكلام صعب نوضح أكثر …

تستند الحيلة الأولى على خدعة المقارنة كما تم توضيحها ، تعمل المربعات هنا بطريقة المقارنة فالنظام البصري يقارن كل مربع بما حوله من مربعات ، ففي حالة المربع الرمادي الذي يتعرض للظل تلاحظ أن كافة المربعات الموجودة حوله هي مربعات مظلمة و مع تعرضه للظل يجعله هذا مقارنة بما حوله من المربعات يبدو أفتح … هل تتذكر صورة المربع المظلل فى الرسمة الأولى ، لكن ما السبب؟ … لماذا يبدو أفتح في حين ان له نفس لون المربعات المحيطة به.
نتيجة تعرضه المباشر للظل ، يتوقع العقل انه بتعرضه للظل أصبح لونه أغمق من لونه الطبيعي وبالتالي يحاول العقل ان يعادل هذا التغير وذلك بأن يلاشي أثر الظل عليه ، فيتسبب هذا بلا قصد من العقل في تفتيح لونه داخل الأدراك العقلى وليس في الواقع ، في نفس الوقت تكون كافة المربعات الغامقة حوله محتفظه بنفس اللون مما يجعله يبدو وكأنه افتح بل والأكثر من ذلك تكون له نفس درجة لون المربعات البيضاء داخل الأدراك البصري.
أن قصة الخداع البصري قديمة وحاول عليها الكثير من المفكرين والفنانين فمثلا … تأمل الصورة التالية:
هذه الصورة لا تنطوي الا على مجرد شبكة بيضاء على خلفية سوداء ، لكن اذا حركت عينيك مع الصورة ، ستلاحظ ان هناك نقط سوداء مظلمة تظهر وتختفي سريعا عند التقاطعات ، لكن اذا توقفت بعينك ونظرت مباشرة تلاحظ ان النقط السوداء تختفي ، قدمت هذه الصورة لأول مرة على يد العالم الفسيولوجي الألماني لودبمار هيرمان Ludimar Hermann في عام 1870 ، الغريب أنه لسنوات كان يعتقد على نطاق واسع أن السبب وراء هذا الوهم ما يسمي بأسم ‘الإعاقة الجانبية ” ’lateral inhibition’ – وهو مصطلح يستخدم لوصف الطريقة المعقدة التي تعمل بها الخلايا في الجزء الخلفي من الشبكية حينما يسقط عليها خيالات اللونين الأبيض والأسود ، زلكن رغم هذا ثبت أن هذا الأستنتاج غير حقيقي لماذا؟ فقد تبين قبل بضع سنوات أن هذا التفسير غير صحيحة تماما ، وبالتالي فأن تفسير هذا وهم لا يزال لغزا
هل أعجبك الموضوع ؟
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق